المسواك.. فرشاة رمضان المتنقلة

JMD يجلب شهر رمضان المبارك مظاهر عديدة، بعضها لم يكن موجوداً، وبعضها الآخر موجود، ولكنه يزداد كثافة في الشهر الفضيل، ومن ذلك ظاهرة استخدام «السِّواك»، وهي تنظيف الفم بجزء من غصن أو ساق أو جذر نبتة، وأشهر أنواع النبات المستخدم في السواك، هو شجر الأراك، حتى أطلق على الجزء من جذره «مسواك».

ويعد «السِّواك» فرشاة طبيعية، زُوِدَت بأملاح معينة، تساعد على تنظيف الأسنان، ومواد قابضة لمنع نزيف اللثة، ومواد مطهرة لقتل الميكروبات والجراثيم، كما زُوِدَت أيضاً بمواد عطرية لإعطاء الفم الرائحة الطيبة، إضافة إلى فاعليته الكبيرة في إزالة «البلاك» من على أسطح الأسنان، غير أن «السِّواك» يتفوق على فرشاة الأسنان، لكونه مزوداً بألياف طبيعية غزيرة وقوية، لا تنكسر تحت الضغط، فهي لينة ومتينة، تتخذ الشكل المناسب لتدخل بين الأسنان وفي الشقوق، فتزيح منها الفضلات دون أن تؤذي اللثة، وتتمكن من تنظيف كل جزء من أجزاء السن. وأكدت مجموعة من الأبحاث العلمية أن «السِّواك» يحتوي على حوالي 19 مادة مفيدة، أبرزها مادة «العفص» الحمضية القابضة، التي لها تأثير مضاد للبكتريا والتعفنات والإسهال، كما تعتبر مطهراً طبيعياً، ولها استعمالات ضد نزيف الدم، وتطهر اللثة والأسنان وتشفي جروحها وتمنع نزيف الدم منها، إلى جانب أملاح معدنية، مثل «كلوريد الصوديوم» و«البوتاسيوم» و«بيكربونات الصوديوم» و«أوكسالات الكالسيوم» وغيرها من المواد ذات الفائدة، وقد أوضحت نتائج بعض البحوث العلمية أن فاعلية السواك تستمر لمدة من 6 ـ 8 ساعات من استعماله، بينما المعجون العادي لا تستمر فاعليته سوى ساعتين فقط، ثم يبدأ ظهور البكتيريا مرة أخرى بالفم.

يقول فيصل العسيري، طبيب أسنان يبلغ من العمر 32 عاماً، أفضل أوقات استعمال السواك بعد الأكل مباشرة، وبعد الاستيقاظ من النوم، وعند كل صلاةٍ، لأنه يؤدي إلى استمرار بقاء الفم خاليًا من الميكروبات طوال اليوم، مما يتيح بيئة صحية للفم والأسنان باعتبار الفم أحد الأبواب الرئيسة لدخول الميكروبات إلى جسم الإنسان.

ونبات «الأراك» عبارة عن شجيرة معمرة، تشبه في شكلها شجرة الرمان، ذات أغصان غضة، تتدلى عادة إلى الأسفل، أو تكون زاحفة في بعض الأحيان، لا يزيد ارتفاع الشجرة عن أربعة أمتار، وهي دائمة الخضرة، أوراقها مفردة زاهية الاخضرار، وأزهارها صغيرة بيضاء اللون، وثمارها توجد على هيئة عناقيد عنبية الشكل، تكون في البداية بلون أخضر، ثم تتحول إلى اللون الأحمر الفاتح، وعند النضج يكون لونها بنفسجيا إلى أسود، وتسمى ثمار الأراك بـ«الكَبَاث».

ولنبات الأراك جذور طويلة، تمتد بشكل عرضي تحت سطح الأرض، والجذور هي الجزء المستعمل في «السِّواك»، وجذور نبات الأراك عبارة عن ألياف ناعمة كثيفة كالفرشاة، ويفضل الجذور الطرية المستقيمة، حيث تنظف بعد جمعها من التربة، ثم تجفف وتحفظ في مكان بعيد عن الرطوبة، وتباع على هيئة حزم في الأسواق وعند أبواب المساجد والمدارس، وقبل استعمالها يقطع رأس «المسواك» بسكين حادة، ثم يهرس بالأسنان حتى تظهر الألياف، وحينئذ يستعمل على هيئة فرشاة، وأحياناً يغمس رأسه في الماء من أجل ترطيبه، ويستعمل حتى تضعف الألياف، ثم يقطع الجزء المستعمل، ويستعمل جزء جديد منه، وفي الآونة الأخيرة صنعت أقلام خاصة يوضع فيها السواك، من أجل سهولة حمله في الجيب، ومن أجل المحافظة على طراوته.

وأشار عادل العجمي، إمام مسجد يبلغ من العمر 36 عاماً، أن ايجابيات استخدام السواك، مجتمعة في قول الإمام ابن القيم، حيث ذكر أنه يطيب الفم ويشد اللثة ويقطع البلغم ويجلو البصر ويذهب بالحفر ويصح المعدة ويصفي الصوت ويعين على هضم الطعام ويسهل مخارج الكلام وينشط للقراءة والذكر والصلاة ويطرد النوم ويعجب الملائكة ويكثر الحسنات.

وينمو شجر الأراك، عادة، في الأماكن الحارة والاستوائية، وتكثر في أودية الصحاري، وتكون قليلة في الجبال، وتوجد في المملكة بكثرة، خاصة في المنطقة الجنوبية، أبها وجازان، كما ينمو شجر الأراك في صعيد مصر وطور سيناء وفي السودان وإيران وشرق الهند وبلاد الشام، ويختلف نوعه باختلاف منطقة نموه.

ويذكر سعود المطيري، 51 عاماً، أنه في العادات القديمة في منطقة نجد، أن يستاك الشيخ الطاعن في السن، حتى ولو لم تكن له أسنان على الإطلاق، وذلك اتباعاً للسنة وتطييباً لرائحة الفم، كما أن النساء يقمن بربط المسواك في طرف غطاء الرأس «الشيلة»، أو رداء الصلاة، حتى يتذكرن استخدامه وقت الصلاة، كما أن كثيراً من الأسر تعود أبناءها الذكور والإناث، على حد سواء، على استخدامه منذ الصغر، مستغلين الرغبة الفطرية لدى الأطفال في التقليد، ونسب إلى عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه وكرم وجهه، أنه من شدة غيرته على فاطمة الزهراء، رضي الله عنها، قال «حظيت يا عود الأراك بثغرها.. ما خفت يا عود الأراك أراكَ·· لو كنت من أهل القتال قتلتك.. ما فاز مني يا سواك سواكَ».

المصدر: دنيا الوطن

 

المواد المنشورة في موقع الدليل الشافي

هي بمثابة معلومات فقط ولا يجوز اعتبارها

استشارة طبية أو توصية علاجية. 

    

تسجيل