هل العادة السرية مضرة؟

تعتبر العادة السرية تجربة أولية (بروفة) للعلاقة الجنسية، وهي نوع من الممارسة السرية الذاتية قبل الخروج بالممارسة إلى العلاقة الثنائية التي يوجد فيها طرف آخر.


وقد يعتقد البعض خطأ أن العادة تبدأ ممارستها بعد البلوغ، وهذا غير صحيح فمن المعروف أن محاولات الإثارة الذاتية شائعة ليس فقط في سن الطفولة، بل حتى في سن الرضاعة، حيث يقوم الطفل بملامسة أعضائه التناسلية فيستشعر أحاسيس معينة؛ نظرًا لوجود أعضاء حسية جنسية في هذه المناطق فيشجعه ذلك على معاودة هذا الفعل، وبعضهم ينغمس في ممارستها من وقت لآخر إلى درجة الإرهاق، ما يؤدي إلى إزعاج الأهل وشفقتهم على الطفل أو الطفلة.

هذا النوع من الممارسة الطفولية يبدأ كنوع من حب الاستطلاع، فكما يتعرف الطفل على أصابعه وفمه يفعل نفس الشيء مع أعضائه التناسلية، ولكن ملامسة الأعضاء التناسلية تعطي قدرًا أكبر من الأحاسيس السارة للطفل؛ لذلك يعاود ملامستها ويصبح لديه اهتمام طبيعي بهذه الأعضاء وبما يتصل بها من أحاسيس.

وقد تحاول الأم كف الطفل (أو الطفلة) عن هذا الفعل فيتوجه انتباهه (أو انتباهها) أكثر تجاه هذه الأعضاء المثيرة والمرفوضة في ذات الوقت، وهذا ربما يثبت العادة أكثر وأكثر، وبينت الدراسات أن الأطفال يبدءون في مداعبة أعضائهم التناسلية في سن 15 - 19 شهرًا من عمرهم، ولا يتوقف اهتمام الطفل على أعضائه التناسلية فقط وإنما يمتد اهتمامه إلى أعضاء الآخرين (كنوع من حب الاستطلاع)، مثل الأبوين أو الأطفال الآخرين أو حتى الحيوانات.

ومن هنا تبدأ محاولات الاستعراض والاستكشاف لتلك الأعضاء بين الأطفال وبعضهم، وقد يتوقف عند المشاهدة وقد يتعداه إلى الملامسة، وهي سلوكيات تعتبر طبيعية بشرط عدم الاستغراق والتمادي فيها، أي أنها تكون سلوكيات عابرة في حياة الطفل يتجاوزها مع نموه النفسي والاجتماعي، ويكتسب القدرة على الضبط السلوكي والاجتماعي فيعرف ما يجب وما لا يجب بالقدر الذي يناسب مراحل نموه وتطوره.

ولكي يحدث ذلك فمن الأفضل ألا تحاط هذه الأشياء الاستكشافية بمشاعر ذنب شديدة أو بتحذيرات مخيفة أو بعقوبات قاسية؛ لأن كل ذلك من شأنه أن يحدث تثبيتًا لهذا السلوك، ويشعل الرغبة أكثر وأكثر في مزيد من حب الاستطلاع لهذه الأشياء اللذيذة والممنوعة في آن واحد لدى الطفل.

ومع بداية البلوغ وزيادة نشاط الهرمونات الجنسية، تشتعل الرغبة بشكل كبير وتزيد معدلات ممارسة العادة السرية لدى المراهقين، خاصة أنه ليست لديهم وسيلة أخرى لتفريغ هذه الطاقة، وليست لديهم مهارات كافية للتعامل معها بشكل إيجابي.. ويزيد هذا الأمر لدى المراهق المنطوي الهادئ الذي يفتقد للعلاقات الاجتماعية وليست لديه اهتمامات ثقافية أو رياضية مشبعة؛ لأن طاقته في هذه الحالة تتوجه أغلبها في اتجاه العادة السرية.

وفي هذه المرحلة من العمر تُحْدث الرغبة الجنسية ضغطًا هائلاً على المراهق، فهو قادر على الممارسة الجنسية، ولكن القيود والضوابط الاجتماعية تمنعه من ذلك، وهنا يشعر بتوتر شديد ويبحث عن مسار آمن يخفف به هذا الضغط، فيجد أمامه العادة السرية التي تشعره بهويته الجنسية، وفي ذات الوقت لا تعرضه لمشاكل اجتماعية.

ومن المعروف أن الذكور يمارسون العادة السرية بشكل أكثر من الإناث ويصلون فيها إلى درجة الإرجاز (القذف والنشوة)، وهناك فرق مهم بين ممارسة العادة السرية في الطفولة وممارستها في المراهقة وهو وجود الخيالات الجنسية في فترة المراهقة، تلك الخيالات التي تلعب دورًا في تحديد الهوية الجنسية فيما بعد، فإذا كانت الخيالات المصاحبة للممارسة غيرية (أي موجهة للجنس الآخر) تأكدت الهوية الجنسية تجاه الجنس الآخر.

أما إذا كانت تجاه نفس الجنس فإن الهوية الجنسية المثلية تتأكد مع تكرار الممارسة مع هذه الخيالات، وتمتد ممارسة العادة السرية في سن الشباب إلى أن تستبدل الممارسة الطبيعية مع الزواج بها، وهناك بعض الناس يستمرون في ممارستها بعد الزواج في فترات تعذر الممارسة الطبيعية كالبُعْد عن الزوجة، أو عدم الرضا بها، أو وجود عائق مثل الحمل أو الولادة أو مرض الزوجة أو الزوج... إلخ.

وفي نسبة قليلة من الأزواج قد تكون العادة السرية بديلاً مفضلاً عن الممارسة الجنسية الطبيعية حتى في حالة إتاحة الأخيرة، ويكون هذا نوعًا من التثبيت على الإثارة الجنسية الذاتية، وهنا تحدث مشاكل زوجية كثيرة؛ نظرًا لاكتفاء الزوج بالإشباع الذاتي وانعزاله عن زوجته.

وقد بيّن "كينزي" (الباحث الشهير في السلوك الجنسي) أن غالبية النساء يفضلن التنبيه البظري أثناء ممارسة الاستمناء، وأكد "ماستر وجونسون" (وهما أيضًا من أشهر الباحثين في السلوك الجنسي) أنهن (أي النساء) يفضلن مداعبة عنق البظر وليس رأسه، حيث إن الأخير يكون شديد الحساسية للاستثارة الزائدة.

أما الذكور فيمارسونها عن طريق مداعبة عنق القضيب ورأسه بشيء من العنف أحيانًا، وهناك طرق أخرى للممارسة لدى الجنسين حسب طبيعة ومزاج كل شخص، وبعض هذه الطرق قد تحمل مخاطر للأعضاء الجنسية خاصة في الفتيات، كأن تحاول الفتاة إدخال جسم غريب في العضو التناسلي، ما يؤدي إلى فض غشاء البكارة، أو حدوث تقرحات أو التهابات في هذه الأعضاء.

وعلى الرغم من بعض الأقوال التي تشير إلى أن العادة السرية تؤدي إلى المرض النفسي أو إلى ضعف القدرة الجنسية فإنه لا يوجد دليل علمي على ذلك، ويبدو أن هذه الأقوال مرتبطة أكثر بالتحريم الأخلاقي أو الاجتماعي.

أما من الناحية الطبية فإن العادة السرية تصبح عرضًا مرضيًّا فقط في ثلاث حالات:

1 -
حين تصبح قهرية، بمعنى أن الشخص لا يستطيع التحكم فيها، وينغمس فيها لأوقات طويلة حتى وهو غير مستمتع بها.

2 -
حين يسرف فيها إلى درجة كبيرة، فالإسراف في أي شيء يعتبر اضطرابًا يخرج عن إطار الصحة التي تتطلب الاعتدال.. والإسراف هنا يؤدي إلى حالة من الإرهاق والتشوش والعصبية، ويستهلك طاقة الإنسان التي كان يجب أن توظف في أنشطة إيجابية.

3 -
حين تصبح بديلاً للممارسة الجنسية الطبيعية فيكتفي بها الشخص وينصرف عن الزوج أو عن الزوجة.

ونظرًا لأن العادة السرية تمارس على نطاق واسع في كل الثقافات؛ لذا يرى الباحثون أنها مرحلة في النمو النفسي - الجنسي، وأنها في فترات معينة تكون نشاطًا تكيفيًّا لحين توافر الممارسة الطبيعية.

 

المواد المنشورة في موقع الدليل الشافي

هي بمثابة معلومات فقط ولا يجوز اعتبارها

استشارة طبية أو توصية علاجية. 

    

تسجيل