هل الصيام آمن خلال الحمل؟ / الدكتورة مها ابو لاوي

ليس هناك جواب كافٍ وحاسم، بالرغم من العديد من الأبحاث الطبية التي نظرت إلى آثار وانعكاسات الصيام. يبدو أن بعض هذه الدراسات أظهرت تأثيرات طفيفة على المواليد الجدد جرّاء صيام أمهاتهم. واعتبرت أخرى أن الأشخاص الذين صامت أمهاتهم حين حملن بهم قد يواجهون مزيداً من المشاكل الصحية في حياتهم لاحقاً. على أي حال، يصعب المقارنة ما بين الدراسات التي اتبعت أساليب وطرقاً مختلفة ومتباينة. وترتبط المسألة بشكل كبير بأوضاع المرأة قبل الحمل من الناحيتين الصحية والغذائية.

إليك ما نعرفه في هذا الشأن:

  • وجدت العديد من الدراسات أن لا فرق في وزن الأطفال عند الولادة سواء كانت أمهاتهم تصوم خلال الحمل أم لا.
  • كما بيّنت دراسات أخرى ارتفاعاً في حدوث ولادات منخفضة الوزن. لكنها أجريت في صفوف الأمهات اللاتي يعانين من سوء تغذية.
  • ونظرت بعض الدراسات إلى مستوى ذكاء الأطفال ولم تجد فرقاً.
  • في حالات أخرى، تمّ أخذ عيّنات دم من نساء حوامل أظهرت حدوث تغيير في التركيبة الحيوية أو العضوية، غير أن الأمر لم يشكل أي خطورة على الأم. كما تمّت المقارنة بين وزن المواليد ولم تسجّل أي فروقات في هذا الشأن.

ظهرت بعض المخاوف من أن ضعف نمو الجنين والولادة المبكرة يمكن أن ترتبط بالصيام. وقد اقترح بعض الخبراء أن مزيداً من الأطفال يولدون قبل الأوان خلال شهر رمضان، لكن يختلف الأمر حسب الدول. في الخلاصة، نحتاج دراسات إضافية للحسم في موضوع تأثير الصيام السلبي خلال الحمل.

يبدو أن النساء اللواتي يتمتعن بوزن مناسب وأسلوب حياة صحي عموماً يتفاعلن أفضل مع الصيام. إن طفلك بحاجة إلى المواد الغذائية التي تصله من خلالك. لو كان جسمك يختزن كمية كافية من الطاقة، فإن انعكاسات الصيام قد تقلّ. وربما يتعلق الأمر بعوامل أخرى مثل:

  • مرحلة الحمل التي تمرين بها
  • مدة الصيام
  • ما إذا كان شهر رمضان يصادف في فترة الصيف الحار والأيام الطويلة
  • حالتك الصحية العامة قبل الحمل

ماذا تفعل بقية النساء؟

تختار العديد – إن لم يكن غالبية – النساء الحوامل المسلمات الصيام خلال شهر رمضان. وتقول بعض الاستطلاعات أن 70% من النساء يخترن الصيام. بالتأكيد أن لكل شخص طريقته المختلفة في اتباع طقوس رمضان. في الإسلام، سمح لك الشرع ألا تصومي لو كنت مريضة أو لا تشعرين أنك على ما يرام أو إذا كنت تعانين من مرض السكري على سبيل المثال لا سمح الله. عليك ألا تغضي النظر عن هذا السماح الشرعي لو شعرت أن الصيام قد يؤذي صحتك أو صحة الجنين الذي في بطنك. أنت وحدك قادرة على تقدير مدى قدرتك على النهوض بهذا الواجب واتخاذ القرار المناسب. تحدثي إلى عائلتك وطبيبك ورجل دين مسلم كي تعرفي الخيارات المتاحة أمامك.

هل هناك ما يجب القيام به قبل صيام رمضان؟

خططي مسبقاً كي تجعلي الأمور أكثر يسراً خلال الشهر الفضيل:

  • تحدثي مع طبيبتك القادرة على تقييم حالتك الصحية وأي مضاعفات محتملة، مثل سكري الحمل أو فقر الدم. قد ترغبين في إجراء المزيد من الفحوصات (الاختبارات) خلال الصيام لمراقبة بعض الأمور مثل مستويات السكر في الدم.
  • ربما تساعدك ممرضة التوليد أو أخصائية تغذية في معرفة احتياجات نظامك الغذائي.
  • احتفظي بمفكرة تسجلين فيها ما الذي تناولته من طعام وشراب.
  • إذا كنت تستهلكين في العادة الكثير من المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين مثل القهوة والشاي والكولا، حاولي التخفيف منها قبل البدء بالصيام كي تتجنبي الصداع (وجع الرأس) كاحد الأعراض "الانسحابية".
  • تحدثي إلى مديرك لتنظيم العمل خلال الشهر الفضيل. في بعض الدول، يتمّ التخفيف من ساعات العمل خلال هذه الفترة من السنة (رمضان).
  • ابدئي التحضير مسبقاً عبر القيام بالتسوّق للشهر الفضيل.

ما هي أفضل طريقة لكسر الصيام ساعة الإفطار؟

تأكدي من حصولك على أطعمة صحية متنوعة والكثير من السوائل خلال الإفطار والسحور.

  • اختاري الأطعمة التي تستهلك الطاقة ببطء، مثل البلح (التمر) والفاصوليا والعدس، للإفطار.
  • ابتعدي عن السكريات التي ترفع مستويات السكر في الدم بسرعة-والتي ستنخفض بسرعة أيضاً فتجعلك تشعرين بالدوار (الدوخة) والإغماء.
  • تأكدي من حصولك على كمية كافية من البروتينات عن طريق الفاصوليا والبندق أو الجوز (عين الجمل) واللحم المطبوخ جيداً والبيض. إن البروتين مطلوب كي يساعد جنينك على النمو.
  • اشربي الكثير من السوائل في الليل. قد تصابين بالجفاف بسرعة كبيرة، خاصة لو صادف شهر رمضان خلال أشهر الصيف الحارة.

هل هناك علامات أو إشارات تحذيرية يجب أن أعرفها؟

اتصلي بطبيبك في حال:

  • شعرت بالدوار (الدوخة) أو الإغماء أو الضعف أو التعب. ارتاحي لمدى نصف ساعة لتري ما إذا كانت حالتك ستتحسن. لو لم تلمسي أي تغيير في هذه الفترة، تحدثي مع طبيبك.
  • انتباتك حالة الغثيان (اللوعة أو اللعيان) أو بدأت بالتقيؤ (الاستفراغ).
  • لاحظت انقباضات مثل الألم. يمكن أن يكون ذلك مؤشر على ولادة مبكرة وعليك الاتصال بالطبيب على الفور.
  • لم تكتسبي وزناً أو أنك تخسرين من وزنك.
  • أصبت بالصداع (وجع الرأس) أو أي آلام أو ارتفاع في درجة الحرارة.

كيف أجعل صيامي خلال الحمل سهلاً؟

  • خططي لأيامك بحيث تستطيعين الحصول على فترات منتظمة من الراحة.
  • تجنبي المشي لمسافات طويلة وحمل أو رفع أغراض ثقيلة.
  • حافظي على البرودة- قد تصابين بالجفاف بسرعة وهذا أمر يضرّ بك وبطفلك.
  • خففي من المهمات المنزلية وقومي بالقليل الممكن منها.
  • اسألي بقية النساء في عائلتك عن نصائح واقتراحات حول كيفية التعامل مع الصيام خلال الحمل.
  • تناولي الطعام باعتدال وحكمة حين تكسرين صيامك عند الإفطار.


في العموم، خذي الأمور ببساطة وسهولة واقبلي أي مساعدة تعرض عليك. مع أن بقية أفراد العائلة والصديقات قد يرغبن بالسهر، عليك أنت أن تهتمي بأن يكون رمضان هذا العام أكثر هدوءاً واعملي على أن يكون وقتاً للراحة أيضاً.

ما زلت غير متأكدة ما إذا كنت سأصوم أم لا، فماذا أفعل؟

  • ناقشي الأمر مع عائلتك ورجل دين مسلم.
  • تحدثي مع طبيبك ودعيه يجري لك فحصاً (كشفاً) عاماً قبل البدء بالصيام. على الأرجح أن رجل الدين سيقترح عليك طلب المشورة الطبية قبل اتخاذ قرارك النهائي.
  • فكري في محاولة تجريبية بحيث تصومين يوماً أو يومين. انظري كيف سيمرّ الصيام عليك ثم عودي إلى طبيبك لإجراء فحص (كشف) جديد .
  • هل من اضرار فإن الحمل في حد ذاته ليس مرضا، بل هو حالة فيزيولوجية طبيعية خلق الله عز وجل جسم الأنثى مهيأ لها من كل النواحي, وقد أثبتت معظم الدراسات عدم وجود آثار سلبية لصيام الأم على صحتها ووزن الجنين ونموه إذا كان الحمل طبيعيا؛ لذلك فإن كانت الحامل تمتع بصحة جيدة ولا تعاني من بعض الأمراض مثل السكري أو الكلى أو غير ذلك, فإنه يمكنها الصوم مثلها مثل أي سيدة غير حامل, وبدون أن يكون هنالك أي ضرر على الحمل بإذن الله.

    فالجنين يصله غذاؤه كاملا عن طريق دم الأم, بغض النظر إن كانت الأم بحالة صيام أم لا, فإن كانت الأم صائمة فإن التغذية للجنين ستتوفر عن طريق مخازن جسمها, فتخرج من هذه المخازن المواد الأساسية اللازمة لنمو الجنين وتمر عبر الدم إلى المشيمة وبسهولة فتتأمن حاجته كاملة, ونحن نشبه الجنين بالطفيلي، أي أنه يتغذى على حساب الآخرين؛ لذلك في حالة الصيام تكون الأم هي الصائمة بينا الجنين لا يصوم, والله عز وجل قد ضمن لهذا المخلوق الضعيف رزقه وهو في بطن أمه, حتى في الحالات التي هي أشد وأقسى من الصيام, مثل حالات مرض الأم الشديد أو في المجاعات أو الحروب؛ حيث قد لا يتوفر للأم الحامل حاجتها الكافية من الطعام في مثل هذه الظروف, فكانت حكمة الله عز وجل أن جعل جسم الأم يبدأ بتخزين بعض الدهون الاحتياطية في جسمها منذ بدء الحمل لتكون مخزونا لهذا الجنين عند الحاجة؛ ولهذا فإن الحامل وبشكل فيزيولوجي وطبيعي تكتسب ما مقداره 3 - 4 كلغ إضافية في وزنها هي عبارة عن دهون احتياطية لا علاقة لها بوزن الجنين, فسبحان الله عز وجل ما أعظم حكمته.

    وبالنسبة لمثل ظرفك أقول لك بأن طول فترة الصيام لمدة 18 ساعة أو أكثر لن يكون لها ضرر على الجنين -إن شاء الله- إن استطعت حمل هذه الفترة من الصيام بدون مشاكل لك.

    وأرى أن تجربي نفسك فهذه أفضل, فإن رأيت بأنك قادرة على الصيام ولم تحدث لديك أعراض مرضية مثل الدوخة أو هبوط الضغط أو السكر، وكانت المشكلة فقط هي أنك تشعرين بالجوع, فهنا يمكنك إكمال الصوم، ولا خوف على الجنين بإذن الله.
    وعندها أنصحك باتباع بعض النصائح لتساعدك على الصيام بإذن الله.

    - تناول وجبتين رئيسيتين ومتوازنتين في المحتوى الغذائي عند الإفطار والسحور بحيث لا تقل محتويات الوجبة الواحدة عن 800 إلى 900 وحدة حرارية.

    - بين الوجبتين عليك بالإكثار من شرب السوائل مع تناول الفاكهة بكمية كافية.
    - حاولي ألا يقل عدد الوحدات الحرارية في طعامك بشكل كلي عن -2400 2200- تقريبا فبهذا لن تخسري أي وزن بإذن الله.
    - تأخير وجبة السحور إلى ما قبل الأذان مباشرة، مع زيادة كمية البروتين فيها.
    - عدم الخروج من المنزل خلال النهار ووقت ارتفاع الحرارة مع أخذ قسط وافر من الراحة والنوم خلال ساعات النهار.
    - والحفاظ على جو البيت مكيفا لتخفيف الشعور بالعطش.
    نسأل الله عز وجل أن يعيد الشهر الفضيل على الجميع بالصحة والعافية، وأن يكمل لك الحمل والولادة على خير.

د. مها ابو لاوي

استشارية أمراض وجراحة النسائية والتوليد والعقم

الانتقال لصفحة الدكتورة مها ابو لاوي

 

المواد المنشورة في موقع الدليل الشافي

هي بمثابة معلومات فقط ولا يجوز اعتبارها

استشارة طبية أو توصية علاجية. 

    

تسجيل